الجمعة، 16 مارس 2012

من أساطير الحب


في كتابه "لماذا من حولك أغبياء"، - الذي صدرت منه حتى الآن أكثر من 4 طبعات ناجحة - تحدث رسام الكاريكاتير والمحاضر في التنمية الذاتية الدكتور شريف عرفة في الفصل الثامن عن أشهر أساطير الحب، أو بمعنى أصح الأفكار الخاطئة التي نتشبع بها من خلال متابعتنا الدائمة لوسائل الإعلام وبصفة خاصة أفلام وروايات الحب، والتي تروج لمفهوم معين للعلاقة المثالية بين الرجل والمرأة.
ومن هذه الأساطير التي أرغب في مناقشتها في السطور القادمة أسطورة تدّعي أن المحبين لابد وأن تكون لهم نفس الميول والهوايات والأفكار، فكل شيء بينهما مشترك، ولا يختلفون أبدا وأن التوافق بينهما مثالي!
ويفند مؤلف الكتاب هذه الفكرة التي يصدقها الكثيرون بعد أن روجت لها الأفلام الرومانسية لعشرات السنين. وفي سبيل ذلك يستشهد الكاتب ببعض الأقوال المأثورة للفلاسفة، منها "الزواج المثالي يقوم بين رجل يحب صدور الدجاج، وامرأة لا تحب صدور الدجاج - فيخته " قد تبدو هذه العبارة كوميدية بعض الشيء، إلا أنها تلخص الموقف كله، فلو أن كلاهما يحب صدور الدجاج
لتصارعا في سبيل أن يحصل عليها كل منهما لنفسه ولتولد بينهما الخلاف والنزاع.



كذلك يقول الدكتور أحمد خالد توفيق: "ربما كان خطأ فادحا أن تتزوج نسخة منك، لأنك قد تحتمل الحياة مع نفسك"


الاعتقاد الخاطيء بأن العاشقين يجب أن تكون لهما نفس الاهتمامات والتفضيلات والأفكار تدفع كل من طرفي العلاقة إلى جذب الطرف الآخر نحو هواياته واهتماماته لأن هذا ما يجب أن يكون، فقد يحاول الرجل مثلا أن يقنع زوجته بمتابعة مباريات كرة القدم وتشجيع نفس الفريق الذي يحبه هو، وقد تحاول المرأة كذلك أن تجعل من تحب يهتم بأحدث صيحات الموضة أو وصفات الطهي.


وهذا بالطبع يؤدي لشيئين لا ثالث لهما: إما أن يستجيب الطرف الآخر لضغط من يحب ويرضخ دائما لمشاركته في اهتماماته على غير إرادته مما يشكل عبئا كبيرا على نفسه ويقود في النهاية إلى محو شخصيته الأصلية متحولا إلى نسخة ثانية من الحبيب، وإما أن يقاوم هذا الضغط الذي يثقل على نفسه، فهو رغم حبه الكبير لشريك حياته يعتز كثيرا بشخصيته وميوله وهواياته الخاصة، وهنا قد يتهمه الطرف الآخر أنه لا يعشقه بما يكفي وتكون النتيجة إما فتور العلاقة... أو الفراق!


والسؤال الذي يوجهه د. شريف عرفة هنا هو:" ما رأيك في أن تعيش مع شخص مثلك تماما؟... أعني أن يتكلم مثلك، يفكر مثلك ويحب الذهاب لنفس الأماكن ويتابع نفس البرامج التليفزيونية ويقرأ نفس الكتب...


هل تعتقد أن هذه الحياة ستكون مثالية؟ أم أن الملل سيكون قاتلا؟"


"لا أعرف كيف يمكن أن تجد شخصا له نفس ميولك واهتماماتك بالضبط... كيف تتفقان في كل شيء؟؟؟ هه؟؟ اثنان مختلفان في النوع (رجل وامرأة)، تربيا في مكانين مختلفين، صادقا أشخاصا مختلفين ومرا بتجارب حياتية مختلفة... كيف يمكن أن تكون الشخصيتان متطابقتين بحق السماء؟ هل تبحث عن شخص مر بنفس تجارب حياتك بالضبط؟"


فلنسأل أنفسنا جميعا هذه الأسئلة، وننظر ماذا ستكون إجابتنا عليها، أما عن نفسي فأنا أتفق تماما مع رأي الكاتب في أنه ليس من الحكمة أن تلح وتصر على جذب شريك حياتك الذي تحبه نحو اهتماماتك أنت، لأنك حتى وإن نجحت في ذلك، فلن يكون الأمر ممتعا كما تظن، وفي الغالب لن يكون هذا النجاح حقيقيا، بل ستكون مجرد محاولة من جانب الطرف الآخر لإرضائك على حسابه.


وهنا فإن الحل هو احترام الآخر واهتماماته وأفكاره، وتقبله كما هو طالما تواجد بين الجانبين التواصل والقدرة على تفهم بعضهما البعض، فالفكرة في الحب الحقيقي ليست في أن يتطابق طرفان متشابهان، بل في أن يتلاقى طرفان مختلفان ويتكاملان معا لتكوين كيان واحد جديد يكمل بعضه بعضا.


وفي النهاية، فإن القاعدة العلمية الثابتة تقول "القطبان المتماثلان يتنافران، والمختلفان يتجاذبان" لذا فإن العلاقة المثالية تبدأ من الاختلاف، ولكن بدون خلاف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أنا انثي لاأنحني كــي ألتقط ماسقط من عيني أبــــدا